أكد السفير الروسي ألكسندر زاسبكين أن المناخ على المستوى العالمي يؤثر أكثر من السابق بشكل غير مسبوق على كافة التطورات في العالم والأزمة المطروحة أمام المجتمع الدولي، معرباً عن أسفه لأن هذا المناخ سلبي ما يدفع إلى القول أن الأوضاع أصعب مما كانت عليه في كل المراحل السابقة، مشيراً إلى خروج الولايات المتحدة من إتفاقية الصواريخ الطويلة المدى، وبعد ذلك خروج روسيا.
وخلال جلسة مغلقة من تنظيم "معهد الدراسات المستقبلية" تحت عنوان: "ركائز الدبلوماسية الروسية في المنطقة: تقديرات وآفاق الدور" شاركت فيها "النشرة"، لفت زاسبكين إلى أن تعليمات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدم تقديم أي مبادرات في الوقت الراهن، لكن موسكو جاهزة للحوار إذا كان هناك تطور من الجانب الآخر، موضحاً أن موسكو كانت طوال الفترة السابقة تسعى إلى طرح أجندة بناءة في العلاقات الدولية.
وأكد السفير الروسي أن التواصل السياسي مفقود إلى حد ما، مشيراً إلى أن موسكو حددت منذ عدة سنوات موقفها بأن العالم يمر بمرحلة إنتقالية من نظام القطب الواحد إلى التعددية، وهي تبذل جهود كي تستقر الأوضاع، وبالتالي يجب ايجاد قواسم مشتركة في النزاعات، ولديه رؤية حول كيفية حصول ذلك، عبر إيجاد توازنات بين مراكز القوة في العالم، لكن من الواضح أنه ليس هناك تجاوب.
وعاد زاسبكين إلى خطاب سابق للرئيس بوتين اعتبر فيه نظام القطب الواحد مضر للجميع، بما في ذلك للقطب نفسه، لافتاً إلى أنه اليوم العالم يعيش هذه الحالة حيث الأضرار على جميع الأفرقاء، موضحاً أن الرأي ضمن أوساط المحللين الروس أن العالم متجه إلى نظام جديد لا يزال مجهولاً، ومن غير الواضح ما هي أسس النظام المقبل، وبالتالي هناك نوع من الفوضى.
ولفت زاسبكين إلى أن التصريحات الرسمية الروسية تدل على أن هناك خطر على الشرعية الدولية، بينما المطروح أمام الجميع هو كيفية إنقاذ الوضع.
بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط، أشار زاسبكين إلى أنه لا يرى نهاية لمرحلة النزاعات، لكنه لفت إلى أن هناك تقدم في بعض المجالات في مقابل مخاطر في مجالات أخرى، معرباً عن إعتقاده أن كل الخيارات مفتوحة: إيجاد الحلول أو الذهاب إلى نزاعات جديدة أو المماطلة وإستنزاف كافة الأفرقاء.
وأكد السفير الروسي أن بلاده تبحث عن توازن المصالح، وإنطلاقاً من ذلك تتواصل مع جميع القوى الإقليمية، وهي تريد تنقية الأجواء في منطقة الشرق الأوسط على أساس التواصل مع الجميع، لأنها تعتبر أن بعض الخلافات تتوقف على سياسة الحكام والأجواء في المجتمع، موضحاً أنها كانت من أول الجهات التي تحدثت عن مخاطر للتقلبات في المنطقة، وهو ما تم الوصول إليه على مستوى إنتشار الإرهاب.
وفي حين أشار زاسبكين إلى أن هناك نوع من الفسيفساء على مستوى المصالح في المنطقة، رأى أنه بسبب ذلك هناك صعوبة في إيجاد قواسم مشتركة، إلا أنه شدد على أن بلاده تريد ذلك في حين أن الولايات المتحدة لديها رؤية مختلفة حيث اختارت فريق كصديق وآخر كعدو أو هدف، مؤكداً أن بلاده تريد التوافق وليس إستمرار المواجهة في الشرق الأوسط.
وفي ما يتعلق الأوضاع في سوريا، أوضح زاسبكين أن أهداف بلاده واضحة منذ البداية: القضاء على الإرهاب وإعادة سيادة الدولة على كافة أراضيها وتحسين الوضع الإنساني وإعادة النازحين وإعادة الإعمار والتسوية السياسية، معتبراً أن الوضع في سوريا أفضل من السابق وهناك تقدم في بعض البنود المذكورة بينما لم تنضج ظروف في بنود أخرى.
وشدد زاسبكين على أن ربط ملف إعادة النازحين السوريين وملف إعادة الإعمار بموضوع التسوية السياسية يعقد الأمور ولا يسمح بالتقدم نحو الأفضل، خصوصاً أن هناك فرصة للعمل على الملفين وهو ما تعمل عليه موسكو اليوم قدر الإمكان ومن الممكن الإطلاع على ما أنجز يومياً من خلال الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع الروسية.
على صعيد متصل، أوضح السفير الروسي أن بلاده تركز على المصالحات والتجربة في مناطق خفض التوتر وتنفيذ الأهداف الأساسية بأقل الأضرار، ومنها القضاء على الإرهاب، معتبراً أنه لا بد من معالجة الأوضاع في إدلب وشرق الفرات، حيث لا بد من إيجاد قواسم مشتركة بين عدة جهات، مشدداً على أن الأولوية هي لإعادة سيادة الدولة السورية في هذه المناطق.
من ناحية أخرى، نفى زاسبكين وجود تباين بين روسيا وإيران حول سوريا، لافتاً إلى أن هناك تعاوناً بين الدولتين لكن هذا لا يعني التطابق 100% في المواقف، موضحاً أن موسكو ليست من ضمن محور المقاومة، مشيراً إلى أن هناك مبالغة في الحديث عن أن بلاده تراعي أمن إسرائيل، لأنها تريد تأمين الأمن للجميع، بالدرجة الأولى لسوريا ولكل الجوار بما في ذلك إسرائيل.
وشدد زاسبكين على أنه منذ اليوم لدخول بلاده إلى سوريا كان هناك موضوع عدم التصادم مع جميع الأفرقاء بما ذلك اسرائيل، لكن روسيا تساعد منذ سنوات على المستوى العسكري.
وفي الختام قدم مدير المعهد إيلي شلهوب درعا تكريميا للسفير الروسي.